كان جبريل عليه السلام يعلم رسول الله ﷺ، ومن خلاله صحابته الكرام، أمور دينهم بأساليب مختلفة، فكان يأتيه في صور مختلفة، يسأله عن دينه والرسول ﷺ يجيب رافعا صوته حتى يستمع الحاضرون، أو يدارسه القرآن في مواقع مختلفة، أو ينزل عليه بآيات جديدة طيلة مدة نزول الوحي.
مررت أنت وزميلك مصطفى على متجر لبيع الملابس، فسمعتم صاحب المتجر يقسم بالله على سلعته، فقال لك مصطفى: من سيصدقه وهو يقسم بشيء لا تراه الأبصار ولا تدركه، وقال أيضا: أنا لا أؤمن إلا بما تراه عيني.
عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ t، قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ ذَاتَ يَوْمٍ إِذْ طَلَعَ عَلَيْنَا رَجُلٌ شَدِيدُ بَيَاضِ الثِّيَابِ، شَدِيدُ سَوَادِ الشَّعَرِ، لَا يُرَى عَلَيْهِ أَثَرُ السَّفَرِ، وَلَا يَعْرِفُهُ مِنَّا أَحَدٌ، حَتَّى جَلَسَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَأَسْنَدَ رُكْبَتَيْهِ إِلَى رُكْبَتَيْهِ، وَوَضَعَ كَفَّيْهِ عَلَى فَخِذَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ أَخْبِرْنِي عَنِ الْإِسْلَامِ؟. قَالَ: «أَنْ تَشْهَدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَتُقِيمَ الصَّلَاةَ، وَتُؤْتِيَ الزَّكَاةَ، وَتَصُومَ رَمَضَانَ، وَتَحُجَّ الْبَيْتَ إِنِ اسْتَطَعْتَ إِلَيْهِ سَبِيلًا» قَالَ: صَدَقْتَ. فَعَجِبْنَا إِلَيْهِ يَسْأَلُهُ وَيُصَدِّقُهُ، ثُمَّ قَالَ: أَخْبِرْنِي عَنِ الْإِيمَانِ؟. قَالَ: «أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ، وَمَلَائِكَتِهِ، وَكُتُبِهِ، وَرُسُلِهِ، وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، وَالْقَدَرِ كُلِّهِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ». قَالَ: صَدَقْتَ. قَالَ: فَأَخْبِرْنِي عَنِ الْإِحْسَانِ؟. قَالَ: «أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ». قَالَ: فَأَخْبِرْنِي عَنِ السَّاعَةِ؟. قَالَ: «مَا الْمَسْئُولُ عَنْهَا بِأَعْلَمَ بِهَا مِنَ السَّائِلِ». قَالَ: فَأَخْبِرْنِي عَنْ أَمَارَاتِهَا؟. قَالَ: «أَنْ تَلِدَ الْأَمَةُ رَبَّتَهَا، وَأَنْ تَرَى الْحُفَاةَ الْعُرَاةَ الْعَالَةَ رِعَاءَ الشَّاءِ يَتَطَاوَلُونَ فِي الْبُنْيَانِ». قَالَ عُمَرُ: فَلَبِثْتُ ثَلَاثًا، ثُمَّ قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «يَا عُمَرُ هَلْ تَدْرِي مَنِ السَّائِلُ؟». قُلْتُ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: «فَإِنَّهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَتَاكُمْ لِيُعَلِّمَكُمْ أَمْرَ دِينِكُمْ». [أخرجه مسلم، كتاب: الإيمان] |
جبريل عليه السلام: من ملائكة الله المقربين إليه سبحانه، والذي أُرسله إلى الأنبياء جميعهم بما فيهم سيدنا محمد ﷺ، فهو الملك المكلف بالوحي، ولهذا السبب أُطلِق عليه اسم “الوحي الأمين”، وقد عُرف جبريل عليه السلام قبل الإسلام باسم “الناموس الأكبر”، وهذا ما أخبر به ورقة ابن نوفل حين تم إخباره عن ما حدث مع النبي ﷺ يوم نزول الوحي عليه في غار حراء بمكة، وقد ذُكِر سيدنا جبريل عليه السلام في العديد من المواضع في القرآن الكريم، وهذا ما يزيد أهميته، ويُبرز دوره في نقل وحي الله إلى الأنبياء، قال تعالى في سورة البقرة: ﴿قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ﴾.
عمر بن الخطاب: هو أبو حفص عمر بن الخطاب بن نوفل العدوي القرشي، ولد بمكة سنة 40 قبل الهجرة، كان في الجاهلية من أبطال قريش وأشرافهم، أسلم قبل الهجرة بخمس سنين، وهو أحد المبشرين بالجنة وثاني الخلفاء الراشدين، وأول من لقب بأمير المؤمنين، وصاحب الفتوحات، كان يضرب بعدله المثل، له من الأحاديث 537 حديثا، قتله أبو لؤلؤة فيروز الفارسي غلام المغيرة ابن شعبة وهو يصلي الفجر بالناس سنة 23 هـ.
الإمام مسلم: هو أبو الحسن مسلم بن الحجاج النيسابوري، ولد سنة 206 هـ بنيسابور، رحل من أجل طلب العلم وهو صغير إلى عدة بلدان، منها: الحجاز، الشام، مصر …، درس على يد شيخه البخاري، له عدة مؤلفات، منها: «العلل»، «أوهام المحدثين»، «طبقات التابعين» …، ويصنف كتابه «صحيح مسلم» أحد أهم كتب الحديث النبوي عند المسلمين من أهل السنة والجماعة، ويعتبرونه ثالث أصحّ الكتب على الإطلاق بعد القرآن الكريم ثم «صحيح البخاري»، ويشتمل على أربعة آلاف حديث، توفي بنيسابور سنة 261 هـ.
تبيانه ﷺ لكل من حقيقتي الإسلام والإيمان والإحسان وذكره لبعض أمارات الساعة.
الركن: لغة: ھو الجانب القوي من الشيء، واصطلاحا: ھو أحد الجوانب الذي لا یقوم الشيء إلا به، أما الإیمان: لغة: ھو التصدیق، واصطلاحا: ھو التصدیق الیقیني الجازم بوجود الله وملائكته وكتبه ورسله والیوم الآخر والقدر خیر وشره.
يتضمن الحديث الشريف فوائد، منها:
الإیمان قد خالطت بشاشته القلوب، جاء بالأعاجیب في العقائد والأعمال والأخلاق، ورأى الناس منه العجب العجاب في سائر الأحوال، ومن أوتیه فقد أوتي خیرا كثیرا، فواجبي الإیمان بربي والإستقامة والإخلاص في دیني وعملي.